شرع الله تعالى الأحكام لمصالح العباد .
والمقاصد ترجع إلى جلب نفع للناس أو دفع ضرر عنهم .
ومن القواعد المتفق عليها أن الله تعالى لم يشرع حكم من الأحكام إلا لمقاصد عامة .
وقد تكلم الشاطبي في الموافقات ، الجزء الثاني على هذه المقاصد وقسمها إلى أربعة أنواع .
قصد الشارع في وضع الشريعة ابتداء .
قصد الشارع في وضعها للإفهام بها .
قصد الشارع في وضعها للتكليف بمقتضاها .
قصد الشارع في دخول المكلف تحت حكمها .. ثم أخذ يفصل كل نوع منها ، وأضاف إليها مقاصد المكلف في التكليف ، وبسط القول في هذا الجانب ، في اثنتين وستين مسألة ، وتسعة وأربعين فصلا ، بما لم يسبق إليه .
فإذا اطلع المجتهد عليها تعينه على فهم النصوص الشرعية ، وتطبيقها على الوقائع ، ومعرفة ما يعمل به منها ، وما لا يعمل به عند التعارض . والإلمام بها تساعد في تصور مباحث القياس ، وتحقيق مناطها في الصور .
المقاصد العامة من التشريع ثلاثة :
الأول : حفظ الأمور الضرورية ، قال الشاطبي وهي ما لابد منها في قيام مصالح الدين والدنيا بحيث لو فقدت لم تجر مصالح الدنيا على استقامة ، بل على فساد وتهارج وفوت حياة ، وفي الأخرى فوت النجاة والنعيم ، والرجوع بالخسرات المبين . انتهى .
وهذه الأمور الضرورية خمسة : حفظ الدين ، والنفس ، والعقل ، والنسب ، والمال . وزاد بعض المتأخرين سادسا هو حفظ الأعراض ، وعليه الطوفي وابن السبكي .
المقصد الثاني : توفير الحاجيات للناس ، قال الشاطبي مفتقر إليها من حيث التوسعة ، ورفع الضيق المؤدي في الغالب إلى الحرج والمشقة اللاحقة بفوت المطلوب .. على الجملة . انتهى .
المقصد الثالث : تحقيق الكماليات أو التحسينيات ، وهي ما في تحصيله حث على مكارم الأخلاق وسلوك منهج أحسن من منهج.
ولكل واحد من هذه المقاصد الثلاثة مكمل .
فالمكمل للضروري هو الذي لا يستقل ضروريا بنفسه بل بطريق الانضمام ، مبالغة في مراعاته .
والمكمل للحاجي كالمقصود من وجوب رعاية الكفاءة ، ومهر المثل في تزويج الولي للصغيرة ، فإن أصل المقصود من النكاح حاصل بدونها ، لكنه أشد افضاء إلى دوام النكاح، فهو من مكملات مقصود النكاح . والمكمل للتحسيني لما شرع التطوع بالصدقات أكمل ذلك بالإرشاد إلى اختيار الطيب من المال .. وهكذا . والله أعلم .
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق